ما وراء المحطه

البيت الملعون الجزاء الاول

البيت الملعون

في أطراف قرية مصرية صغيرة، كان فيه بيت قديم واقف لوحده على تلة صغيرة، كأنه بيت منسي من زمن تاني. أهالي القرية كانوا يعرفوه باسم “بيت الفهداوي”، بس محدش ينطقه غير لما يحتاج يلعن حظ حد ويقول:
“يا رب تبات ليلة واحدة في بيت الفهداوي وتشوف اللي انا شايفه!”

البيت ده كانت شُبابيكه مكسورة، بابه الخشبي متآكل، وسور الجنينة واقع نصه. ومع ذلك، كان دايمًا فيه إحساس إن البيت مش فاضي… كأن في حد فيه واقف وبيبص من بين القضبان الصدى بتاعة الشباك.

البداية: عرض مغري

مراد، شاب في أواخر العشرينات، من القاهرة، شغال مصمم جرافيك فريلانسر، ودماغه دايمًا في الموبايل واللابتوب. بعد سنين من الشغل والضغط، قرر إنه يهرب شوية من دوشة المدينة، يدور على مكان هادي يقعد فيه كام أسبوع ينجز شغل متراكم، ويعيد ترتيب حياته.

بالصدفة شاف إعلان على جروب فيسبوك:
“بيت ريفي كبير للإيجار بسعر لقطة – يصلح للإقامة أو كتبه أو ورشة عمل – القرية: كفر النور”

الصور كانت مغرية: بيت قديم من الطوب، سلالم حجر، حوش واسع، شجر توت ونخل في الخلفية. بس الصور كانت متصورة من زوايا معينة، مفيهاش ولا لقطة قريبة للشبابيك أو الباب.

مراد اتصل برقم الإعلان. رد عليه راجل صوته تخين وهادي:

– ألو
– أيوه يا فندم، أقصد يا عم الحج، أنا مراد، شفت إعلان البيت للإيجار.
– اتفضل يا ابني، البيت موجود، وكرامة عينك تشوفه. الإيجار أسبوعيًا، وسعره بسيط.
– طيب في حاجه لازم اعرفها؟
– لأ يا ابني… بيت قديم شوية بس واسع وهادي، واللي زيك يحب الهدوء. لو حابب تيجي تشوفه، أنا مستنيك بكرة في كفر النور عند موقف الميكروباصات. اسمي عم صابر.

مراد قال في نفسه: ما فيش حاجة تخسر، أسبوعين بعيد عن الزحمة، نتنفس شوية.
جمع شنطته، لاب توب، كاميرا صغيرة، ونزل.

الوصول إلى القرية

لما وصل كفر النور، حس إن الزمن رجع بيه لورا عشرين سنة. بيوت بسيطة، عيال بتجري في الشوارع، ريحة طين وموية ريّ، وصوت أذان من جامع صغير.

استقبله راجل قصير، ممتلئ شوية، لابس جلابية رمادي غامق، وطاقية بيضا:
– انت مراد؟
– أيوه، حضرتك عم صابر؟
– أيوه يا ابني… يلا بينا.

مشي معاه في طريق ترابي، لحد ما وصلوا للتلة اللي عليها البيت. أول ما مراد شاف البيت بعينيه، حس بحاجة غريبة في صدره، حاجة بين الخنقة والفضول.

الصور اللي شافها على الفيسبوك كانت فعلاً لنفس البيت، بس في الحقيقة كان أقدم، أغمق، وكأنه تعبان.

– هو ده؟
– أيوه، ما قلتلك بيت ريفي قديم.
– هو شكله قديم قوي… وساكن فيه حد قبلي؟
– لا يا ابني، فاضي بقاله كام سنة.

مراد سأل بنبرة مزاح حاول يخبي بيها توتره:
– ما يكونش البيت ده مسكون ولا حاجة؟
عم صابر بص له بسرعة وبعدين ضحك ضحكة قصيرة ناشفة:
– لو على السُكنة… كل بيت مسكون بأهله، واللي قبله. ما تخافش يا ابني.
وسلّمه المفتاح:
– أي حاجة تحتاجها، أنا بيتي تحت في أول الشارع. بس نصيحة… بالليل، بعد الساعة 12، اقفل كل الشبابيك كويس… وسيب باب الأوضة اللي هتبات فيها مفتوح سنة صغيرة.

مراد استغرب:
– ليه يعني؟
– هتتعود. الهدوء هنا له نظامه… متقلقش.

الليلة الأولى: همسات الجدران

دخل مراد البيت، وبدأ يلف فيه. الصالة واسعة، الأرضية بلاط قديم، ريحة تراب قديم مبلول. الأوض كتير، فيهم عفش بسيط، سراير حديد، دواليب خشب لونها غامق، ومعظمها متغطية بشراشف بيضا.

اختار أوضة قريبة من الصالة، فتح الشباك يدخل هوا، ورش شوية معطر بالغصب غطّى الريحة.
نزل شوية يشتري أكل من دكان تحت، ورجع قبل المغرب.

بالليل، بعد ما خلص شوية شغل على اللابتوب، قعد يسمع أصوات خفيفة في البيت… تكة… خشخشة… حتة خشب بتزيّق.
قال لنفسه:
طبيعي… بيت قديم، الخشب بيتمدد وينكمش، موش شقة جديدة في التجمع.

قبل ما ينام افتكر نصيحة عم صابر، قام وقفل الشبابيك كويس، وسيب باب الأوضة موارب. ضحك في سره:
– إشمعنى يعني؟ كأن في حد هيدق الباب.

طفى النور، واستلقى على السرير، والموبايل في إيده.
بعد حوالي ساعة من التقليب بين السوشيال ميديا، حس بنعاس، فساب الموبايل جنبه، وغمّض عينيه.

وهنا… بدأ يسمع صوت خافت… زي حد بيمشي حافي على البلاط برا الأوضة.
حاول يقنع نفسه إن ده صوت فأر، قطة… أي حاجة. بس الصوت كان واضح… خطوات بطيئة، تقيلة، ماشية من ناحية الصالة لحد باب أوضته.

قلبه بدأ يدق بسرعة.
فكر يقوم يشغل النور، لكن قال:
لو فتحت النور وملقتش حاجة هتضحك على نفسك. ولو لقيت حاجة… يبقى مصيبة.

الخطوات وقفت عند باب الأوضة…
مراد كان شايف من فتحة الباب الموارة عامل زي خيط صغير من الظلمة الأغمق داخل على نور بسيط من الموبايل.
سمع صوت خربشة خفيفة على الباب… كأن حد بيمسحه بإيده أو ظفره.

وفجأة، الباب اتحرك سنة صغيرة… كأنه حد برّه حط إيده على الباب وفتحه أوسع شعرة
مراد مسك نفسه، ومتحركش. حبس نفسه تقريبًا.

الصوت سكت.
وبعدها، سمع همسة… جملة واحدة، بصوت خافت جدًا، أقرب لنَفَس من صوت:
رجّعونا…

مراد قام مفزوع مولّع النور فجأة.
الباب واقف زي ما هو، موارب، مفيش حد.
خرج يبص في الصالة، في المطبخ، في الحمام… البيت فاضي.
رجع أوضته وهو بيقول:
– أكيد أوهام… يمكن صوت الهوا، يمكن صوت من الشارع.

بس قلبه كان عارف إنه سمع كلمة مفهومة… رجعونا.

اليوم الثاني: الحكاية الأولى

الصبح، نزل لمحل عم صابر يشرب شاي ويتكلم معاه.

– البيت تمام يا ابني؟
– أيوه… يعني… تمام. بس بالليل سمعت أصوات خطوات برا الأوضة.
عم صابر شاله بنظرة سريعة فيها قلق مخفي، وبعدين قال:
– بيت قديم يا مراد، والليل هنا طويل، ما تخليش خيالك يضحك عليك.

مراد قرر يضغط عليه شوية:
– بص يا عم صابر، أنا مش عيل صغير. لو في حاجة لازم أعرفها، احكيلي.
عم صابر شرب شوية من الشاي، وبص في الأرض، وقال:
– البيت ده كان زمان بتاع راجل اسمه الشيخ مسعود الفهداوي. كان راجل غني، بس بخيل وقاسي، ودايمًا يقول “فلوسي لأولادي بس… ولا حد يقرب من حقي”.
في ليلة من الليالي، النار مسكت في البيت.
أهل القرية حاولوا ينقذوه، بس هو رفض يسيب البيت، كان بيحاول ينقذ صناديق فلوسه ودهبه.
البيت ولّع، وهو مات جواه، ومعاه بنت صغيرة كانت محبوسة في أوضتها…
بعد الحادثة، كل اللي حاول يسكن البيت ما كملش أسبوع. ناس تقول بتشوف راجل محروق شوية، وطفلة بتعيط.
وفي إشاعة إن الشيخ مسعود قبل ما يموت، قال: “اللي هيدخل بيتي بعدي… يبقى من مالي… ومن لعنتي.”

مراد ضحك عصبية:
– يعني أنت أجرتلي بيت ملعون ومن غير ما تقولي؟
عم صابر رفع عينه فيه وقال بحدة:
– أنا مأجّره بيت قديم، بس، وما بفرض عليك تبات فيه غصب. انت لو عايز تمشي، فلوسك ترجعلك.
مراد اتنهد:
– لأ، خلاص. أنا هنا خلاص. يمكن فعلاً مجرد حكايات قديمة، وأنا مش مؤمن بحاجة اسمها لعنة.

لكن جواه كان عارف إنه مرعوب… وفضوله أكبر من خوفه.

الليلة الثانية: الطفلة

في الليلة التانية، قرر مراد يثبت لنفسه إن مفيش حاجة. قفل الشبابيك، وسيب باب الأوضة موارب زي ما اتقال له، وحط الموبايل على تسجيل صوتي طوووول الليل، وحطه على الكومودينو جنب السرير.

حوالي الساعة 2 بالليل، صحى على إحساس غريب.
مش صوت… لأ، إحساس وجود حد في الأوضة معاه.

فتح عينه ببطء، من غير ما يتحرك.
نور خافت من الموبايل كان منور حتة صغيرة في الأوضة.
في الركن البعيد، جنب الدولاب… كان في شكل صغير واقف.

طفلة، شعرها منكوش، لابسة فستان أبيض متسخ، راسها ميلة شوية، وعينيها سودة، مش بين فيها البؤبؤ.
كانت واقفة تتفرج عليه… بس من غير ما ترمش.

مراد حاول يقنع نفسه إن دي تهيؤات من النعاس. غمض عينه وفتحها تاني بسرعة…
الطفلة كانت أقرب، دلوقتي واقفة جنب طرف السرير.

همست بصوت رفيع:
– أنت مش مننا… أنت غريب.
مراد قال بصوت مبحوح:
– إنتِ مين؟
– أنا مها… كانوا بيقولولي “مها الفهداوية”.
– إنتِ… بنت الشيخ مسعود؟
ابتسمت ابتسامة مكسورة، نصها ألم، نصها غضب:
– هو راح… وسابنا هنا. محدش رجعنا… محدش قرى الفاتحة علينا.
قربت أكتر، ووشها بقى على بعد سانتيمترات من وش مراد:
– وإنت… كنت ممكن متيجيش… بس جيت.
– عايزة إيه؟
– رجّعنا.

وفجأة الأوضة اتظلمت كلها، الموبايل نفسه نوره طفى، ومراد حس ببرودة شديدة حواليه، كأن فيه أيدين كتير بتتحسس المفرش، السرير، رجليه.

سمع صوت راجل خشن، متقطع، كأنه طالع من صدر واحد بيتحرق:
– مالي… مش هيمشي من البيت… اللي يدخل هنا يبقى من مالي… ومن دمي…

مراد صرخ، ويده راحت على زرار النور، ولما ولّعه…
مفيش حد.
الطفلة اختفت.
بس باب الأوضة كان مفتوح على الآخر، وكأن حد شدّه لحد الآخر من برّه.

التسجيل

تاني يوم الصبح، مراد قرر يسمع التسجيل الصوتي اللي كان شغال طول الليل.
قعد في الصالة، السماعات في ودنه، وحط التسجيل.

في الأول، كان فيه صوت نفسه، تقلبه على السرير، شوية خشخشة بسيطة.
بعد حوالي ساعة ونص، ظهر صوت خطوات على البلاط.
خطوات تقيلة، بعدها خطوات خفيفة، كأن في اتنين… راجل وطفلة.

وبعدها، سمع صوته هو، وهو بيقول: “إنتِ مين؟”
وسمع صوت الطفلة بيرد: “أنا مها…”
وصوت الراجل الخشن اللي قال: “مالي… مش هيمشي من البيت…”

المصيبة بقى، إن في التسجيل، بعد ما ولّع النور، اللي المفروض فيه كل حاجة اختفت…
لسه فيه همسة جاية من قريب جدًا من المايك:
– هنفضل معاك، لحد ما ترجعنا.

مراد وقف التسجيل، وإيده بتترعش.
الليلة اللي فاتت مش حلم… كل ده حصل بجد.

قرار المواجهة

مراد كان عنده اختيارين:
يا إما يلم شنطته ويرجع القاهرة ويقول “تجربة غريبة” وخلاص…
يا إما يغوص أكتر ويعرف يعني إيه “رجّعونا”.

قرر يروح لعم صابر تاني، المرة دي مش عشان يشرب شاي… عشان يواجهه.

– عم صابر، أنت مخبيت عليا حاجات كتير.
– قلتلك اللي عندي.
– اللي عندك مش كفاية. البيت مش بس “مسكون”. فيه ناس محتجزة.
عم صابر سكت، وبص لوش مراد، وحس إنه خلاص مش هينفع الهزار.

– اسمع يا ابني… في ناس قالت إن الشيخ مسعود مات واتحرق، بس الحقيقة…
سمعنا إن قبل النار ما تولع، كان عامل حجاب كبير مدفون تحت البيت، مربوط فيه باسمه واسم بنته، ومكتوب فيه كلام سحر، عشان محدش يطمع في ماله، ولا يشاركهم فيه حتى بعد الموت.
البيت بعدها بقى لعنة على كل اللي يدخل.
في شيوخ حاولوا يفكوا السحر، بس كلهم انسحبوا، قالوا: “البيت تقيل”.
– يعني الحل إيه؟
– الحل… محتاج حد يقرا قرآن في البيت كله، حد ما يخافش. ومحتاج حد ينزل القبو اللي تحت البيت… لأن الكل بيقول إن الحجاب هناك.

مراد اتنهد:
– قبو؟ ما شفتش قبو جوه البيت.
– أكيد… لأن بابه متغطّي.

القبو

رجع مراد البيت قبل المغرب. قعد يلف في الصالة، في الطرقة، في المطبخ. لحد ما وقف عند سجادة قديمة في نص الصالة، لونها أحمر غامق، باهت.

رفع طرف السجادة…
لقى تحتها باب حديد صغير في الأرض، بمقبض صدئ.

– حلو… كده عرفنا في إيه تحتنا.

جاب كشاف من الموبايل، وفتح الباب الحديد. ريحة رطوبة قوية ضربت في وشه.
سلم خرساني نازل لتحت في ظلمة شبه كاملة.

نزل خطوة… اتنين… عشرة.
القبو كان غرفة واسعة، سقفها واطي شوية، حيطانها طوب عاري، وفي نصها تقريبًا صندوق خشب قديم، مقفول بقفل قديم.

في الزوايا، كان في حاجات متفحمة… حاجات زي بقايا عفش اتحرق، أو ممكن تكون… مراد حاول ما يكملش الفكرة.

قرب من الصندوق.
كل ما يقرب، يحس برأسه تقيلة، ودقات قلبه تعلى، كأن الهواء نفسه بيقاومه.

مد إيده ولمس القفل…
سمع صوت البنت “مها” قريب جدًا من ودنه، من غير ما يشوفها:
– لو فتحته… مش هترجع زي الأول.
قال بصوت مرتعش:
– وأنتِ عايزاني أعمل إيه؟
– رجّعنا… فك السحر… وسيبنا نروح.

مراد شد نفسه، وقال في سره:
أنا مش شيخ، بس حافظ من القرآن اللي يكفي.

طلع من القبو بسرعة، جاب زجاجة مية، قعد يقرا عليها الفاتحة، آية الكرسي، آخر آيتين من البقرة، وسورة الإخلاص والفلق والناس.
نزل تاني، ورش المية حوالي الصندوق وعلى القفل.

القبو اتغير… برودته بقت أقل، وصوت طنين خفيف كان مالي ودنه بدأ يهدى.

قال بصوت عالي:
– بسم الله، توكلت على الله.

شد القفل بقوة، الأول ما اتفتحش، بس بعد دفعة تانية، اتكسر… كأن حد ساعده من جوه.

فتح غطا الصندوق…
لقى جواه لفافات قماش قديمة، وريحتها عفن. وسطهم، حجاب كبير متني، عليه خيوط حمر وسود، ومكتوب عليه كلام غريب، حروف متشابكة، وبينهم آيات متغيرة ومتبدلة، كأن اللي كتبه كان بيلعب في الآيات.

ابتدى يقرا آية الكرسي بصوت عالي، ويمزق الخيوط واحدة واحدة.
كل ما يمزق خيط، يسمع صوت أنين خفيف في القبو، كأن في حد بيفك قيود من على رجليه وإيده.

بعد ما قطع كل الخيوط، فتح ورقة الحجاب نفسها، وقرأ بصوت ثابت:
– “والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون”.
وبعدين بصوت عالي:
– يا رب إن كان هذا سحرًا يؤذي روح عبدك مسعود وبنته، ففكه برحمتك، وأخرجهم من بيتك ده برحمة لا بلعنة.

الورقة بدأت تسوّد من الأطراف، وتتحول لبودرة، من غير ما يولع فيها نار.
نور خفيف، مش من الكشاف، نور ناعم، انتشر في القبو لحظة واحدة… واختفى.

وسمع صوت الطفلة مها، آخر مرة، واضح وصافي:
– شكرًا… رجّعتنا.

وصوت الراجل، بس المرة دي مفيهوش غضب، مكسور وهادئ:
– سامحونا… كنا حابسين نفسنا… وحابسينكم معانا.

ما بعد اللعنة

مراد طلع من القبو وإحساس غريب بالخفة في صدره.
البيت، لأول مرة، ريحته بقت مقبولة، كأنك فتحت شباك بعد سنين من الانغلاق.

في الليلة دي، مراد نام… وما سمعش ولا صوت.
لا خطوات، لا همسات، لا طفلة، لا راجل.

الصبح، نزل لعم صابر.
– عملتها؟
– نزلت القبو، ولقيت الحجاب… وفكيته.
عم صابر بص له كأنه مش مصدق:
– لو اللي بتقوله حقيقي، يبقى البيت ده خلاص… بطل يكون ملعون.
– بس في حاجة تانية لازم تعملوها.
– إيه هي؟
– تعملوا للشيخ مسعود وبنته مها عزاء وقراءة قرآن في الجامع، وتوزعوا صدقة على روحهم. هم كانوا محبوسين بين الدنيا والآخرة، ومحدش افتكر يترحم عليهم.
عم صابر هز راسه:
– يحصل يا ابني… يحصل.

النهاية المفتوحة

مر أسبوع، ومراد خلص شغل كتير كان مأجله شهور.
البيت بقى هادي فعلاً… هدوء طبيعي مش مخيف.
في آخر ليلة قبل ما يمشي، وقف في الصالة يبص حوالين البيت اللي عاش فيه تجربة عمره.

فجأة، حس بهوا بارد خفيف عدى جنبه، كأن حد مر من وراه.
ما خافش.
ابتسم وقال:
– ربنا يرحمكم.

هو مش متأكد لو كان البيت فعلاً اتحرر تمامًا… ولا لسه ليه أسرار تانية في زوايا القبو والحجرات المقفولة.
لكن هو عارف حاجة واحدة:

البيوت ممكن تتلعن بالجشع والطمع، وتتطهر بالرحمة والدعاء.

وإنت لو عديت يومًا ما من جنب بيت قديم، متشقق، وفيه شباك مكسور وباب موارب، وحسيت إن حد بيبص عليك…
يمكن يكون مستني حد يسمعه، حد “يرجعهم”…
أو يمكن… يكون بس بيت قديم، بيطلّ من تاريخه عليك.

لكن… لو يوم من الأيام لقيت إعلان على فيسبوك:
“بيت ريفي قديم للإيجار – هادي ومناسب للعُزّال – القرية: كفر النور”
فكّر كويس…
هل أنت مستعد تسمع همسات البيت الملعون… ولا لأ؟ 🩸

السابق
يتقدم موقع إيجي بست بخالص الاعتذار لجميع زوّاره الأوفياء

اترك تعليقاً